.
يُعتبر سجن أيالون في مدينة الرملة الفلسطينية أحد أكثر السجون الإسرائيلية تحصيناً وسرية، محاطاً بجدران إسمنتية عالية وأبراج مراقبة وكاميرات متطورة تجعل منه قلعة أمنية مغلقة على العالم الخارجي.
بُني على طراز السجون الأمريكية ذات الإجراءات الصارمة، ويضم أقساماً متعددة، أبرزها العزل الانفرادي وغرف التحقيق، ما يجعله مركزاً أمنياً يتجاوز كونه مجرد مؤسسة عقابية.
يُستخدم لاحتجاز القيادات الفلسطينية والمعتقلين المصنفين "خطرين"، إلى جانب مجرمين إسرائيليين كبار، في مزيج غير مألوف يعكس الطابع السياسي والأمني للمكان. يُعرف بأنه مركز للتحقيقات الخاصة التي يديرها جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك"، وغالبًا ما يُنقل إليه الأسرى بعد الاعتقال مباشرة قبل تحويلهم إلى سجون أخرى.
يعيش الأسرى الفلسطينيون في أيالون تحت ظروف قاسية من العزل والرقابة المستمرة، يُحرمون من التعليم والتواصل المنتظم مع عائلاتهم، ويُعاملون كأنهم ملفات أمنية لا كبشر لهم حقوق. يمارس السجن أشكالاً متعددة من التعذيب النفسي والجسدي، تشمل الحرمان من النوم، الإضاءة المستمرة داخل الزنازين، التفتيش الليلي، والعزل الطويل الذي يمتد أحياناً لأشهر.
يُحرم الأسرى من أبسط حقوقهم الإنسانية، الزيارات العائلية المنتظمة، والرعاية الطبية الملائمة، ويُمنع المرضى من الحصول على الأدوية الضرورية من يعانون أمراض القلب والسكري. منذ تولي إيتمار بن غفير وزارة الأمن القومي، تحوّل "أيالون" إلى نموذج لسياسة "كسر الإرادة"، بتقليص الطعام، ومنع الخبز الطازج، والحد من اللحوم، وتقليص وقت الفورة اليومية.
قطع بن غفير البرامج التعليمية ومنع الكتب والصحف عن الأسرى، في خطوة وُصفت بأنها محاولة لعزلهم عن العالم تماماً وجعل السجن مساحة عقاب لا تنتهي. هذه الإجراءات لم تكن فردية، بل جاءت ضمن خطة ممنهجة لفرض العقاب الجماعي على الأسرى الفلسطينيين في كل السجون، و"أيالون" تحديداً يُعد المختبر الأول لتطبيقها.
تقارير منظمات دولية أكدت أن ممارسات إدارة السجن تُعد خرقاً واضحاً لاتفاقيات جنيف، وتدخل في إطار ما يُعرف بـ"التعذيب الأبيض" الذي يستهدف تدمير النفس لا الجسد. بعد عملية طوفان الأقصى، تضاعف عدد المعتقلين الفلسطينيين الذين نُقلوا إلى أيالون، ما جعل السجن يعاني اكتظاظاً خانقاً وأوضاعاً إنسانية قاسية.
سيطرة بن غفير على مصلحة السجون جعلت من "أيالون" رمزاً لسياسات اليمين الإسرائيلي المتطرّف، الذي يسعى لتحويل المعتقلات إلى أدوات ردع جماعي وقهر سياسي. تحوّل سجن أيالون إلى ثقب أسود في المنظومة الإسرائيلية، تُدفن داخله أصوات الأسرى الفلسطينيين ويبقى شاهداً حياً على تواطؤ المؤسسة الإسرائيلية في تحويل السجون إلى ساحات انتقام ممنهج.
/إنتهى/